نبذة عن سلواد

تقع سلواد إلى الشمال الشرقي من مدينة رام الله وعلى بعد ثلاثة عشر كيلو مترا منها، تبلغ مساحة أراضيها حوالي 20 ألف دونم، وعدد سكانها يزيد عن سبعة آلاف وخمسمائة نسمة حسب الاحصاء المركزي، وتعتبر واحدة من كبريات بلدات فلسطين ومن أكبر البلدات في محافظة رام الله والبيرة، تمتد سلواد عمرانيا على مجموعة من التلال التي تعتبر جزءاً من مرتفعات جبال القدس، ويتراوح ارتفاعها بين (٨٥٠ -٩٠٠ مترا) فوق مستوى سطح البحر، لتواجه جبل العاصور شرقاً(١٠١٦ مترا) والذي يعتبر أعلى قمة في المنطقة الممتدة بين جبال الجليل شمالاً وجبال الخليل جنوباً، ولتشرف غرباً على الطريق التجاري القديم الذي ربط وما زال يربط شمالي فلسطين بوسطها وجنوبيها، و تقع عند خط تقسيم المياه بين الأودية المتجه غرباً نحو السهل الساحلي والبحر المتوسط ومثيلتها المتجهة شرقاً إلى الأغوار ونهر الأردن.

تحيط بسلواد الأودية العميقة من ثلاث جهات مما أكسبها حصانة في الموقع، وقد ساعدت وفرة الأمطار الشتوية التي تتراوح بين ٥٥٠ و٧٠٠مم على تشكل السيول التي تمكنت عبر الزمان من حفر تلك الأودية التي تنحدر نحوها أراضي البلدة بشدة، خاصة في الجهتين الشمالية والغربية، وهذه الأودية هي وادي الحومة ووادي قيس في الشرق والشمال الشرقي ووادي النمر ووادي الحرامية في الشمال، ووادي أبو شْريف في الغرب وجميعها تتحد في الناحية الشمالية الغربية من البلدة لتشكل مجرى وادي البلاط والذي يتابع سيره باتجاه الغرب.

ومن هنا فإنّ سيل الوادي صفة مميزة للموقع وتدّل عليه وبها يُعرف، فلا غرابة أن تطلق الصفة الظاهرة للتعريف بالمكان، أي "سيل الواد" وليصبح الإسم فيما بعد ومن باب تسهيل النطق "سلواد". كما أنّ وفرة الأمطار وطبيعة الصخور الكلسية المنفذة للماء ساعدت على ظهور عدد كبير من عيون الماء حول سلواد خاصة في الجهتين الشرقية والشمالية، وكانت هذه الينابيع بالإضافة إلى القبور المنقورة في الصخر من أكثر الأشياء التي لفتت أنظار ما يُسمى ببعثة صندوق إستكشاف فلسطين والتي زارت البلدة في حدود عام ١٨٧٠م.

بالرغم من وعورة أراضي وانحدارها وتعرض تربتها للانجراف، إِلَّا أن المزارعين استطاعوا منذ القدم أن يستصلحوا الأرض ويبنوا السلاسل الحجرية لتتحول سفوح الجبال إلى مصاطب ومدرجات مناسبة لزراعة الأشجار المثمرة وأهما الزيتون والتين والعنب ، فانتشرت أشجار الزيتون في الوجه الغربي ، في حين انتشرت بساتين التين والعنب في الوجه الشرقي والجنوبي ، وكانت هذه البساتين تُعرف محلياً بالتعامير، مفردها تعميرة، وفِي ذلك إشارة واضحة إلى مدى جهود المزارع في استصلاح الأرض وإعمارها، وكان يوجد في كل تعميرة بيت للعزب أو ما يعرف بالقصر، والذي يأوي إليه الفلاحون في موسم التين لبضعة أشهر حين كانوا يتركون بيوتهم ويبقون في حقولهم يجمعون الثمار ويصنعون القطين ، ويخزنون ما هو ما معدّ للتخزين ، ويسوقون ما يزيد على حاجتهم، وقد اشتهرت سلواد بجودة ما تنتجه من ثمار التين وتعدد أصنافه وروعة مذاقه وكذلك قُل عن التين المجفف (القطين) وكان الإنتاج منه وفيراً يجد طريقه إلى مختلف مناطق فلسطين وأسواقها، ومن هنا فقد عُرِفت البلدة بسلواد القطين. وكذلك كان حال أشجار الكرمة التي غطّت مساحات واسعة من سفوح العاصور الدنيا والعليا في الجهات الشرقية والجنوبية الشرقية، وكان الإنتاج من الأعناب كبيرا. وقد بدأت زراعة التين والعنب تشهد تراجعاً تدريجياً منذ مطلع الخمسينيات، واتساع ظاهرة هجرة الشباب إلى الكويت وغيرها، ورافق ذلك تعرض بساتين الكرمة لخطر حشرة الفولكسرا التي ساهمت في خراب كثير من هذه البساتين، وازداد التراجع بشكل مُلفت للنظر بعد عام ١٩٦٧م واحتلال الضفة الغربية وما رافق ذلك من حركة نزوح واسعة للسكان شرقي النهر، في الوقت الذي اتجه فيه الكثيرون نحو سوق العمل الإسرائيلي خاصة في مجال البناء ، ورافق ذلك مصادرة وإغلاق كثير من الأراضي الزراعية خاصة في الجهة الجنوبية والجهة الشرقية من البلدة. أما بالنسبة لزراعة الزيتون التي تنتشر معظم أشجاره في الجهة الغربية والشمالية، فقد كان حجم التراجع أقلّ، واستطاعت شجرة الزيتون أن تحافظ على مكانتها بشكل أفضل ، ولعلّ مردّ ذلك إلى طبيعة شجرة الزيتون المعمرّة والمتواضعة في احتياجاتها، بالإضافة إلى ما تحظى به هذه الشجرة من مكانة في النفوس وارتباط ثمارها وزيتها بالغذاء اليومي للعائلة. وهنا لا بدّ لا من أن نلفت الأنظار إلى موضوع الشارع الاستيطاني (الإلتفافي) الذي دمرّ وصادر مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون في الجهة الغربية، كما أدى إلى صعوبة كبيرة في وصول المزارعين إلى أراضيهم، كما أنّ الشارع أدى إلى تدمير كثير من معالم البيئة الطبيعية ونباتاتها، والقضاء على مواطن الحياة البرية.

وسلواد موقع قديم وعريق، كان مأهولاً منذ أقدم العصور ، بل أن بعض الأثريين يصنفونه من مواقع الاستيطان البشري القديم، فهناك بعض الكهوف المحيطة بالبلدة والتي سكنها الإنسان فيما أصطلح على تسميته بالمرحلة النطوفية (حوالي ١٠ آلاف سنة قبل الميلاد)، ومن خصائصها تحول الإنسان من الجمع والصيد إلى الزراعة وتدجين الحيوانات.

وتشير الدلائل المادية والمخلفات الأثرية أن موقع سلواد كان عامراً بالسكان في الفترة الكنعانيةً، والتي أصطلح على تسميتها بالعصر البرونزي (٣٥٠٠ق.م - ١٢٠٠ق.م) ، ويظهر لنا ذلك من خلال الأعداد الكبيرة من القبور المنقورة في الصخر، هذه القبور تتوزع على عدد من المقابر، خاصة في الجهتين الغربية والجنوبية من البلدة، وتضم هذه القبور الأدوات الفخارية والمعدنية والأختام والقطع الزجاجية والحلي.

كما عُثر في سلواد على آثار تتمثل في أعمدة حجرية وأرضيات فسيفسائية وقطع نقدية تعود للفترة الرومانية والبيزنطية، بالإضافة إلى مدافن عديدة محفورة في الصخر تكون على شكل حجرة واسعة، حين تدخل إليها ترى في واجهتها وعلى جوانبها قبوراً عدة منقورة في جدرانها الداخلية بشكل مستطيل أفقي.

وهناك عدد من الأماكن والمباني الأثرية التي تعود للفترات الإسلامية، ولعلّ أشهرها مسجد التوتة الواقع في وسط البلدة القديمة، ولعلّنا نستطيع أن نصنفه كواحد من تلك المساجد القديمة والتي تُعرف بفلسطين بالمساجد العُمرية، في إشارة إلى قدمها.

 ومن هذه المواقع كذلك ما يسمى محلياً بالخرب وأشهرها خربة الخان الواقعة في الناحية الشمالية الغربية من البلدة قريباً من بركة عيون الحرامية باتجاه الجنوب، وتضم الخربة بقايا أساسات وجدران لمبنى الخان بالإضافة إلى بقايا غرف ومنشآت لعلها كانت مرافق تتبع الخان وتوفر بعض الخدمات الأخرى التي يحتاجها المسافرون، ومن أبرز المنشآت القريبة بقايا أساسات لمسجد استطعت التعرف على مخططه ومحرابه في زيارة ميدانية عام ١٩٩٦م، وعلى الأرجح فإنّ هذه البقايا والآثار للخان وملحقاته تعود للفترتين الأيوبية والمملوكية، إذ كانت هذه المنشآت محطة مهمة في موقع في غاية الأهمية على الطريق القديم بين نابلس والقدس، هذا الموقع الذي وصفاه كوندر وكتشنر عام ١٨٧٥م من "بعثة صندوق استكشاف فلسطين بأنه "مفتاح الطريق الجبلي بين شمال فلسطين وجنوبيها".

أما بالنسبة لبركة عيون الحرامية القريبة من المكان كما ذكرنا، فهي بركة قديمة مبنية من حجارة ضخمة مدقوقة ومشذبة، وكانت تمتلئ بالماء من عين الماء المسماة "عيون الحرامية"، وقد ذكرتها المصادر الإسلامية باسم بركة الداوية، وهي فرقة عسكرية صليبية اضطلعت بمهمة حماية الطرق وتأمينها خلال فترة الاحتلال الصليبي، ومن المرجح أن تكون قد بنيت في هذه الفترة، وعلى كلّ فإنّ صلاح الدين الأيوبي قد بات ليلة على هذه البركة أثناء سفره من القدس إلى نابلس وذلك علم ١١٩٢م.

ومن المنشآت التي تعود للفترة الصليبية قلعة عسكرية تقع على تلّة عالية تشرف على المكان (وادي عيون الحرامية) هي ما يُسمى محلياً ببرج البردويل، وينسب بنائه إلى الملك بُلْدوين ملك مملكة بيت المقدس الصليبية (١١٠٠-١١١٨م) ، وهو الذي أعطى فرقة الداوية كثيراً من الامتيازات. وما تزال بعض بقايا منشآت القلعة قائمة ، وأهمها السور في الجهة الشمالية الشرقية، ومبنى كبير يسمى "البوبرية"، بالإضافة إلى بقايا جدران وأساسات وبئر عميق، وبقايا يسمى "المشنقة .

ومن المواقع الأثرية القديمة في أراضي سلواد "خربة كفر عانة" الواقعة في الناحية الجنوبية، وهي عبارة عن قرية كانت مأهولة عبر العصور الإسلامية المتتابعة، وقد ذكرها ياقوت الحموي في "معجم البلدان"، وكانت عامرة بأهلها خلال الفترة العثمانية وظلّت كذلك حتى عام ١٨٣٥م عندما تمّ إجلاء سكانها وترحيلهم إلى مناطق أخرى في أعقاب نزاعات تدخل ضمن الخلاف بين صفّي القيس واليمن والذي طغى ومَيَّزَ تلك الفترة بصراعاتها القبلية وحزبياتها المقيتة. وتشتمل كفر عانة على بقايا بيوت قديمة ومسجد ومعصرة زيتون، وبقايا أسوار وأعمدة حجرية، وتكثر في أراضيها القطع الفخارية العادية والملوّنة وغيرها من المخلفات.

وفِي هذا السياق، لا بدّ من القول أن البلدة القديمة في سلواد تشتمل على كنوز معمارية تتمثل في الأبنية القديمة من عقود وعلالي وغيرها، والتي تعتبر من روائع العمارة التقليدية في الريف الفلسطيني، والتي لا بدّ من المحافظة عليها والعمل على ترميمها وصيانتها، وأهم وأقدم هذه المباني: علّية دار حامد ( ولعلّها من أقدم الأبنية في البلدة القديمة)، وعلّية دار حمّاد، وعلّية دار عيّاد، بالإضافة إلى مبان وبيوت أخرى تتميز في نمط بنائها من حيث أسلوب العمارة واستخدام العناصر الزخرفية والنقوش وإبراز القيم الجمالية، وكثير منها مضى على بنائه ما يقرب القرن من الزمان.

تميزت بلدة بدورها الفاعل والحيوي عبر المراحل المتعاقبة، هذا الدور الذي لا نجانب الحقيقة اذا ما وصفناه بالمركزي على مستوى المنطقة ومجريات الأحداث. فخلال الفترة العثمانية وتحديداً في النصف الثاني من القرن التاسع عشر كانت سلواد مركزاً لناحية بني مرّة والتي ضمّت قرى سلواد والمزرعة الشرقية ويبرود وعين يبرود ووترمسعيا وأبو فلاح وسنجل، وكانت تعرف بمصطلح تلك الفترة "كرسي بني مرّة"، بمعنى أنّ مشيخة المنطقة كانت فيها، وناحية بني مرة هي إحدى نواحي القدس التابعة لمتصرفية القدس الشريف . وكان يتولى مسؤولية الناحية "الناظر" أو مدير الناحية، وعُرف محلياً باسم "المُناظر" ، وقد أوكلت اليه مهمة نشر القوانين والأنظمة وإعلان الأوامر والتعليمات الحكومية في القرى المنضوية تحت لوائه. وللعلم فإنّ سلواد في عام ١٨٧١م احتلت المرتبة السابعة من بين ٣٠٠ قرية تتبع متصرفية القدس (التي ضمت معظم فلسطين التاريخية باستثناء لواء عكا) وذلك في عدد البيوت المأهولة. وقد جرى تجنيد عشرات الشباب في الجيش العثماني، وقد خدم كثير منهم بعيدا عن وطنهم في الأناضول والحجاز والشام وغيرها، وأرسلوا إلى جبهات متعددة وشاركوا في حروب كثيرة أهمها حروب اليمن والروملي وغيرها وأستشهد منهم العشرات.  ووصل بعض المجندين إلى رتب عسكرية رفيعة في الجيش.

وجد في سلواد خلال هذه الفترة عدد من الكتاتيب التي كان لها دور محدود في نشر التعليم، وفِي عام ١٩١١م قامت الحكومة العثمانية بافتتاح أول مدرسة ابتدائية في البلدة والتي التحق عدد لا بأس به من أبناء البلدة، كما أنّ عددا من الطلبة، يقدّر بالعشرات، توجه خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين إلى الأزهر فنهلوا من علومه وتتلمذوا على مشايخه، ليعودوا بعد سنوات طويلة يحملون الإجازة في علوم الشريعة، لينهضوا بمسؤولياتهم في التعليم والخطابة والإمامة والقيام بعقود الزواج وكتابة الحجج وغيرها، ومن هنا فليس غريباً أن يُطلق على سلواد بلد المشايخ أو بلد الأزهريين.

وخلال الحرب العالمية الأولى وبعد سقوط القدس بأيدي القوات الإنجليزية أواخر عام ١٩١٧، اتخذت القوات التركية من بلدة سلواد مقراً لها ونزل بها القائد التركي من أصل ألباني علي روشن بيك، ودارت على أرض سلواد معارك حامية الوطيس مع القوات الإنجليزية سقط فيها عدد كبير من القتلى في صفوف الطرفين، وكانت قبور الجنود الأتراك من السهل التعرف عليها حتى أواخر الثمانينيّات من القرن الماضي. وكانت القوات التركية قد قامت بترحيل سكان البلدة وبعض القرى المجاورة إلى المناطق الشمالية من فلسطين بعيدا عن المعارك، فيما عُرف محلياً باسم "المهاجرة".

وفِي فترة الانتداب البريطاني خاصة منذ مطلع العشرينيات بدأت أعداد كبيرة من أهالي سلواد تنتقل إلى مدينة حيفا، التي أخذت تشهد انتعاشاً إقتصادياً، وذلك طلباً للرزق والعمل، وقد بلغ هؤلاء بضعة مئات سكنوا في أحياء المدينة المختلفة، وعملوا في مجالات مختلفة عمالاً في البلدية وفِي مصفاة البترول وباعة متجولون، وبعضهم عمل في التجارة والمهن والحرف الأخرى. وانخرط كثير من أبناء سلواد في المجتمع الحيفاوي وكان لهم دورهم ونشاطهم، فانتسب البعض للجمعيات مثل جمعية العمال العربية وفرقتها الرياضية، وجمعية الاعتصام وغيرها من النوادي والجمعيات، وبرز في حيفا عدد من أبناء سلواد ممن احترفوا بعض الألعاب الرياضية وخاصة الملاكمة، واشتركوا في مباريات عديدة وحصدوا بطولات على مستوى فلسطين في فترة الأربعينيات من القرن الماضي. كما انضم عدد من أبناء سلواد إلى الفرق الكشفية، كما كان للبعض الآخر مساهماتهم في العمل الوطني ومقاومة الاحتلال البريطاني والمخططات الصهيونية، وشارك كثير من شباب سلواد في معركة الدفاع عن حيفا وسقط منهم الشهداء ( الشهيد سعد صالح والشهيد سامي الشيخ عبدالحميد جوزية) بالإضافة إلى بعض الجرحى (نذكر منهم مصطفى حرب "أبو صالح" رحمه الله).

وفي مرحلة الثورة الفلسطينية الكبرى ١٩٣٦-١٩٣٩م، شارك أبناء سلواد وشبابها في فعاليات الثورة وأنشطتها بشكل يلفت الأنظار، سواء فيما يتعلق بعدد الثوار المسلحين الذي تجاوز المائة، أو بالعمليات البطولية المميزة ضد القوات الإنجليزية، كانت سلواد حقيقة إحدى أهم مراكز الثورة ونقاطها الساخنة، وكانت تجري العروض والتشكيلات العسكرية في وضح النهار. وتعرضت البلدة خلالها لشتى أعمال التنكيل والانتقام من قبل السلطات الإحتلالية.

وفِي حرب ١٩٤٨ شارك أبناء سلواد في معارك القدس وباب الواد واللطرون وقلنديا والقسطل، وسقط الشهداء والجرحى، كان أبرزهم شهيد القسطل محمد عبدالقادر.

وبعد النكبة التي حلّت بالبلاد ، ورجوع معظم أهالي سلواد في حيفا إلى بلدتهم، وفي ظلّ الأوضاع الإقتصادية السيئة، أخذت البلدة منذ مطلع الخمسينيات تشهد حركة هجرة واسعة في صفوف الشباب إلى الكويت بشكل خاص، ورافق ذلك تراجع في النشاط الزراعي ازداد مع مرور الوقت خاصة بعد الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام ١٩٦٧م وما صاحب ذلك من هجرة أثناء الحرب، وفتح مجال العمل في السوق الإسرائيلي.

وفِي فترة الاحتلال الإسرائيلي تعرض العشرات من أبناء سلواد للاعتقال وأودعوا في السجون بتهمة مقاومة الاحتلال ، وكثير منهم حكم بأحكام عالية منها مؤبدات، واستمرت سلواد في نشاطها المميز على مستوى الوطن في مختلف المراحل، وخاصة في مرحلة الانتفاضة الأولى عام ١٩٨٧م والانتفاضة الثانية عام ٢٠٠٠م ، وما زالت تقدم وتساهم في معركة التحرر الوطني وتقرير المصير، بدماء شهدائها وعذابات أسراها ونفي أبطالها.

مؤسسات سلواد :

تمتاز سلواد بعراقتها في العمل المؤسساتي، ففي عام ١٩٣٥ تشكلت في سلواد جمعية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر برئاسة محمد أفندي الشيخ خلف، وفِي عام ١٩٤٦م تشكلت "جمعية الإخوان المسلمون" برئاسة فضيلة الشيخ جمعة السلوادي، كما خبر أبناؤها العمل المؤسساتي من خلال انتسابهم للجمعيات المختلفة في حيفا قبل عام ١٩٤٨م.

لكن أهم مؤسسات البلدة على الإطلاق هي البلدية والتي تأسست عام ١٩٦٥م خلال العهد الأردني ، وكان للبلدية من خلال دوراتها المتتابعة دورها في التنظيم الهيكلي والإعمار وتوفير الخدمات المختلفة والبنى التحتية وغيرها من الأعمال والمسؤوليات المنوطة بها. ومن مؤسسات البلدة العريقة نادي سلواد الذي تأسس عام ١٩٦٦م، وكان له دور هام في رعاية الشباب وتوفير الأنشطة الرياضية لهم، بالإضافة إلى أنشطته الثقافية والاجتماعية والصحية (عيادة نادي سلواد)، ومن مؤسسات البلدة الجمعية الزراعية، وجمعية سيدات سلواد ولها نشاط ملحوظ خاصة في مجال رعاية أصحاب الاحتياجات الخاصة من خلال مركز التأهيل التابع لها، وجمعية خريجي المعاهد والجامعات، ومركز سلواد الثقافي.

أما مدارس سلواد فهي: مدرسة سلواد الثانوية للبنين (مدرسة شهداء سلواد) تأسست عام ١٩٢٢م، مدرسة بنات سلواد الثانوية وتأسست عام ١٩٤٢م، وتمتاز هذه المدرسة بما تحصده من معدلات عالية ونتائج باهرة ومشرفة في مختلف المراحل الدراسية، وفي امتحانات الثانوية العامة على وجه الخصوص. ومدرسة سلواد الأساسية للبنين، ومدرسة بنات سلواد الأساسية الدنيا، ومدرسة بنات سلواد الأساسية العليا، ومدرسة بنات سلواد التابعة لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومدرسة السلام الثانوية وهي مدرسة خاصة، ويوجد في سلواد روضتان للأطفال؛ روضة نادي سلواد النموذجية وتأسست عام ١٩٧٨م ، وروضة الحنان والدلال (خاصة) ، وهناك حضانة حديثة للأطفال (خاصة) .

إن بلدة سلواد بموقعها الجغرافي وتوسطها لمجموعة كبيرة من القرى في المنطقة الشرقية من مدينة رام الله ، وبنشاط وهمة أهلها، وبإخلاص أبنائها ونشاط مؤسساتها وعلى رأسها البلدية، استطاعت أن تواكب التطور وتحافظ على الدور المركزي والحيوي الذي اضطلعت به عبر المراحل المختلفة، وهذا يتمثل لنا جلّيا في توسعها العمراني، ونمو الأحياء الجديدة، ووجود عدد كبير من مشاريع الإسكان والمجمعات التجارية الحديثة، ووجود محكمة شرعية ومدرسة ثانوية خاصة ووجود الخدمات المختلفة خاصة في مجال الصحة والعلاج، ففيها عدد من العيادات والمراكز الصحية والمختبرات المميزة والحديثة، وشركات تأجير السيارات ومكاتب للتاكسي، بالإضافة إلى الصيدليات والمراكز التعليمية والتدريبة والرياضية، وتشهد البلدة زيادة ونمواً في النشاط التجاري، ففيها المتاجر الكبيرة ومحلات بيع الجملة، كما وتتوفر فيها المصارف والبنوك والمخازن والمستودعات والورش المختلفة.